الأربعاء، 6 فبراير 2013

رقعة شطرنج .. !


(1) أيها الملك, لم يجب عليَّ الموت لتحيا أنت ؟ لم يقوم عرشك على رفاتي و تقتات حياتك من موتي ؟ وكأن رقعة الشطرنج الفسيحة هاته لا تستطيع ان تحملنا معا !!

(2) أقفُ الآن ومعي اخوتي و بنو عشيرتي من البيادق الذين قرروا أن يعيشوا رغما عن أنف جلالتك . ما عدنا سنردد كالحمقى في ربوع الرقعة : "عاش الملك , عاش الملك.. ", لأننا نعلم علم اليقين أن في حياتك موتنا وفي رفاهيتك ذلنا الأبدي!
كنت تخيرنا دائما و أبدا بين حياة البيدق الذليل , و بين الموت بكرامة .. و كأن الحياة والكرامة خطان متوازيان لا يلتقيان ! لكننا قررنا أن نتمرد و نختار خيارا ثالثا و رابعا و خامسا ... ! فمن تكون أنت لتخيِّرنا ؟ أي إله تحسب نفسك لتقرر أقدارنا ؟ أي غرور يتلبّسُك يا هذا ؟؟

(3) أقف الآن رفقة اخواني البيادق في الجهة المقابلة لك من الرقعة , و للمرة الأولى نراك , بعدما كنت دائما خلف ظهورنا , نموت لأجلك ولا نعرفك !!
لا أراك تختلف عني كثيرا أيها الملك . ربما قالبك مختلف عن خاصتي , لكنك مصنوع من مثل ما صُنعتُ منه , و الأهم من ذلك أننا كلانا مصنوعان ! فلِم تتصرف كإله ؟ أنت بيدق من " نوع خاص " لكنك في نهاية المطاف -مثلي -بيدق !

(4) الآن اللعبة بيننا و بينك, سنلعب لأجل الحرية و ستلعب لأجل أن تظل ملك ! لا مجال لأن تتلاعب بنظرية المؤامرة , فلا يد تحرضنا ولا يد تحركك ! 
لا تستهن بنا أيها الملك , و لا تغرنَّك حاشيتك ولا كثرة حُماتك و جبروتهم ... أي نعم , نحن قليلو الحيلة لا نملك سوى التحرك خطوة واحدة فقط في الميدان في كل جولة , لكن وقع خطانا على الرقعة سيزلزل غرورك و يرج عرشك الواهي ! فلتعلم أننا - أيها الملك - لا محالة قادمون ! 

(5) وأنتم أيها البيادق التي تدافع عنه ؛ أراكم منا فلِم لستم منا ؟ أو ليست نصرتنا أولى من نُصرته ؟ ألا ترون أنه يقتلنا بكم و يقتلكم بنا ليبقى هو " لا مساس" ؟ أم ضعفكم و خوفكم اغشى بصيرتكم ؟! 
و أنت أيها الملك كيف ترضى على نفسك الحماية من الضعفاء ؟ في أي بركة غباء تتخبط يا هذا ؟!! إني اظنك حقا إله .. إله للغباء ! 

(6) ها نحن هنا نحاصرك . ألم أقل لك أننا قادمون ؟ ها نحن أمامك مكسرون معطوبون لكننا نحاصرك ! الآن اللعبة - حسب القوانين- قد انتهت . قد أعلنوا خبر موتك قبل موتك ! أنت في حكم الميت لأنك لا تستطيع الحراك , ألم أقل لك يوما أن الحرية هي الحياة !
 إنها قوانين اللعبة التي كنت تتحصن بها قبلا , إنها الآن ما يقتلك ! إنها عدالة الصانع يا ملك !!

(7) انا الآن أحكم رقعة الشطرنج بعدك , لقد وعدتُ بتغيير القوانين.. فليعش البيادق الاحرار في الرقعة آمنين !

(8) لكني - يا أيها الملك - أشعر بشعور غريب , لقد جعلتني حاشيتي اعتلي عرشا أرى منه إخوتي و ابناء عشيرتي صغيري القد تافهين .. لقد غيروا شكلي و صرتُ أعظم منهم , لقد صرتُ أشبهُك ! و تلك الملكة التي خلفتها بعدك , أي سحر هذا الذي يشدني أليها , اية فتنة تركت وراءك يا ملك ؟ الكل هنا يخر ساجدا لي و كأنني إله ! يا إلهي , إن أتغير رغما عني , إني أًصير ملك !! 

(9) كنا مخطئين للغاية يا أيها الملك , لم تكن أنت الشيطان , بل كنتَ مجرد لعبة في يد الشيطان ! أدركتُ ذلك بعد فوات الأوان .. فإخوتي وصموني بعار الخيانة و قرروا موتي ! نعم , أُعدِمتُ قبل أن أخبرهم أن العدو ليس الملك و إنما هي الحاشية التي تصنعه , الحاشية هي الشيطان يا ملك و ليس انت ! آه يا ليت قومي يعلمون !! 

(10) ها نحن ذا , أنا و أنت نراقبُ الرقعة من فوق . تشوبها الفوضى تارة و يغطيها الغبار تارة اخرى ! أرى على وجهك ابتسامة خبيثة تنم عن شماتة , لكني سرعان ما أخرسها بابتسامة فخر , فخور أنا رغم كل شيء , فكيفيني شرف المحاولة يا جلالة الملك ! :)





0 التعليقات:

إرسال تعليق