حياة الفصام .. !

نهاراً، تبدو المدينة جميلة وهادئة.. يسودها جو من الوقار.. إنها المدينة الفاضلة !
ليلاً، تنقلب رأساً على عقب.. يسودها المجون والفحش.. تصبح في حلكة الدجى ماجنة !

يعيش أهل النهار نهارهم يبحثون عن " المفسدين " الذين يعيثون في مدينتهم الفاضلة "فساداً..
ويعيش أهل الليل ليلهم يبحثون عن " المصلحين " الذين يعيثون في مدينتهم الماجنة "إصلاحا"..

يجتمعون كل يوم قُبيل الفجر، أمام الجدار العتيق الذي يفصل المدينة عن باقي العالم.. 
ذاك الجدار ينقلب عند الفجر مرآة هائلة.. ينظرون إليها  دون أن يدركوا ذلك..
فيرى أهل النهار أنفسهم في الجدار-المرآة فيشيرون بأصابعهم هاتفين: "ها هم المفسدون في الأرض"!
وكذلك يفعل أهل الليل من الجدار مستنكرين : " ها هم المصلحين في الأرض " !
تبا كم هم متشابهون، كم هم متطابقون..

ترهقهم محاولاتهم لفهم ما يحدث.. 

يظلون مزروعين أمام الجدار كأشجار هرمة،
 إلى أن يبزغ الفجر..
فيعود الجدار العتيق إلى سابق عهده وتختفي المرآة ليختفي معها أهل الليل..
ويستيقظ أهل النهار من " نومهم "..
لتعود المدينة الفاضلة إلى حياة الفصام .. !