الثلاثاء، 16 أبريل 2013

لحظة شرود

لما يحملني مركب الشرود الى مرفإ عشاق التأمل , و يرسو على اعتابه .. أجول في دروبه راكبة الرياح ؛ صفير الظلام يقض مضجعي و صوت الصمت طنين في مسمعي ..!  يبدو ذاك العالم  مهجورا الاّ من الذين حلّق فكرهم فوق الغمام و استناروا بعمق النظرة من الظلام ! 

يعجبني ذاك العالم , غير أنه سرعان ما يختفي بقدرة قادر ! لألتمس من جديد مركب الفكر في موقف عشاق التأمل . قد يطول انتظاري وسط زحمة الحياة و تفاهاتها لكنه يأتي اخيرا ليحملني من جديد الى نفس المكان , غير آبه بالزمان و لا الاحوال و لا الظروف ! 
لكن رحلتي هذه المرة كانت مختلفة عن سابقاتها , عالمي الخيالي بدا خاليا من كل شيء, لا شيء يملؤه سوى تفاصيل شخص رأيته صدفة ! 


علت علامات الاستغراب محياي .. هل هذا عالمي ام اني قد ضللت السبيل ؟ من الذي اتى بهذا الغريب هنا .. و متى و كيف ؟؟ كيف يعقل لغريب من النظرة الاولى ان يجتاح عالمي بهذه السرعة ؟!! احترت كما لم احتر من قبل .. اينما جلت في مخيلتي اصطدم به , و كلما هربت منه اراني اسلك اليه الف طريق ! للمرة الاولى اشعر بالضياع في عالم انا صنعته تفاصيله بيدي ! من يكون هذا الذي اخل بتوازني و وزلزلني و سرق مني مقاليد الحكم هنا ؟ تعبت من التفكير اللامنطقي فيه .. لكني لوهلة قلت لنفسي : ما الضرر في بعض اللامنطق ؟! وهكذا مع توالي الايام اصبحت اعشق شرودي لمجرد انه يقودني اليه , و صرت اقطع تذكرة ذهاب بلا عودة الى عالمه الذي كان عالمي قبل غزوه ! صار يسكنني على نحو غريب , كمارد لا شيء مني يخرجه و لا رقية منه ترقيني , و لا دواء منه يشفيني .. ! ما كنت ادرك ان صدفة قد تعبث بأحوالي و تبعثرني كحنفة رماد في يوم عاصف. توالت رحلاتي وانا على هذا الحال و طال مكوثي هناك , حتى جاء يوم شردت فيه و تمنيت لو اني لم اشرد قط ! لقدعاد كل شيء هناك كما كان و عاد اليّ عالمي الخيالي كأن شيئا لم يكن ! رحل عني فجأة كما جاء فجأة !! كرهت بعده شرودي و اقلعت عن ادماني للتأمل و عشت بعدها حزنا غير مبرر و شوقا غير مبرر ..كان  من حولي يسألونني عن خطبي وكان صمتي يجيب , فأنا لا املك جواب , بما عساي اجيب ؟!!
عشت مراسيم الحزن كاملة و لم انقص منها شيئا , فأنا فقط من يعرف انه كان يستحق ذلك بالرغم منه كان مجرد لحظة شرود ! 

0 التعليقات:

إرسال تعليق