الخميس، 4 سبتمبر 2014

الرسالة رقم (١)

أتعرف ما الأسوء من شعورك بالبؤس والوحدة واليأس وخيبة الامل والفقد.. الخ؟ 
الاسوء هو الا تشعر بأي شيء.. الا يعود لأي شيء القدرة على تحريك أدنى شعور فيك او عاطفة؛ لا الاشياء التي كانت تسعدك ولا التي كانت تحزنك ولا التي كانت تثيرك ولا حتى التي كانت تجعلك تشعر بالملل او القرف (...)
لا شيء يستقر داخلك بما يكفي لكي يصنع لنفسه صدى في ذاكرة شعورك قبل ان يبتلعه الفراغ كثقب اسود جائع..
تنسى تماماً كيف تقوم بفعل الشعور، ثم تتذكر انك لم تتعلم ذلك قط  فكيف نسيته اذن ؟! عندها لا تجد اي اجابة، ولا تجتاحك أدنى رغبة في البحث عنها وكأن روحك تعطلت فجأة عن العمل.
ثم تدخل في دوامة لا تنتهي ، حيث تشتاق الى نفسك والى مشاعر السعادة والدهشة والتمرد والحب والرغبة (...)، حتى المشاعر السلبية التي كانت تدمرك وتسحق روحك تجد نفسك لدهشتك تفتقدها بشدة.. وتضحك-في ذات الوقت- بسخرية مقيتة على اشتياقك هذا وكأن المشتاق شخص اخر غيرك.. وتكره الشخص الأحمق الذي يسخر.. وتبكي شفقة على الشخص الذي يكره .. وتغضب من الشخص  الذي يبكي ويظهر ضعفك (...) وهكذا حتى تختبر كل المشاعر في ذات اللحظة دون ان تشعري باحدها حق الشعور. لتعود الى نقطة البداية غير المحددة. فما ان تنتهي من اللف في الدائرة المفرغة حتى تبدأ من جديد كحمار طاحونة لا يتعب.
قد تدرك في لحظة ما -او قد لا تفعل- انك عندما تكون في حالة انعدام الشعور، فإنك في الحقيقة تشعر بكل المشاعر دفعة واحدة ما يجعل من المستعصي فهمها.. وهو ما يشبه الى درجة ما دمج الألوان ببعضها البعض لتؤول -بشكل يثير الدهشة- الى اللون الأبيض في النهاية. هذا اللون الأبيض هو " انعدام الشعور".
 انا الان لا اشعر بأي شيء، أي اني اشعر بكل شيء في آن واحد، وادرك ذلك جيدا.. لكن معرفتي هذه لن تفيدني كثيرا في الخروج من هاته المتاهة النفسية.. فمعرفتك بالأمور تفيد الآخرين لكنها لا تفيدك انت الا بقدر ما يستقر في المرآة من ذات ما تعكسه.. كالطبيب النفسي- اذا جاز المثال كتبسيط- عندما يصاب بالاكتئاب.. هو يعرفه جيدا ويعرف أعراضه ومراحله وعلاجه.. لكن هل تنفعه هذه المعرفة في الخروج من حالة الاكتئاب ؟ على الأرجح لا.. ولا حتى بالقدر الذي تنفع بها مرضاه.
قد يتحايل على الامر بأن يجعل من نفسه مريضا وطبيبا في الان نفسه ويتقمص دور "الاخر" كيف يستفيد من هذه المعرفة.. لا ادري مدى فعالية الحيلة لكني أطبقها الى حد ما الان عبر هاته الرسالة التي اعرف جيدا انك لن ترد عليها لانك لن تقرأها ابدا..
على أي، سأكتب اليك مجددا اذا ما شعرت بالحاجة الى ذلك، طبعا عندما استعيد رفاهية "أن اشعر"، لكن احتاج الى ان تعلم اني اشتاق اليك حتى وان لم اشعر بذلك الان واني أحبك حتى وان انطفأ فيّ كل شعور ! 


2 التعليقات:

سناء يقول...

كلامك معقول، وتوصيفك بليغ يا ليلى..
هذا الشعور سيء لكن بإمكانك التغلب عليه، كسري الروتينة التي تعيشين فيها، ابحثي عن اشياء جديدة، عادات جديدة، أناس جدد، لقاءات جديدة.. من يعرف ربما تتجدد مشاعرك..
بالنسبة لي السفر هو الدواء والعلاج..
كوني بخير دائما..

Unknown يقول...

سأحاول على الأرجح.. السفر فكرة جيدة لمن استطاع اليه سبيلا :)
سعيدة بمرورك كالعادة ❤️

إرسال تعليق