الأربعاء، 27 فبراير 2013

صديقي الوزير !

كان لي صديق قد تخرّج حديثا من الجامعة لكنه - كسائر أقرانه - لم يجد عملا. في يوم كسائر الأيام خرج صباحا للبحث عن وظيفة, فإذا به يهرعُ إليَّ  مساءاً في حالة هستيرية من الفرح والدهشة قائلا :" لن تصدقي ما حدث اليوم ! "ثم شرع في سرد التفاصيل :
خرجتُ في الصباح - كما تعلمين - للبحث عن وظيفة , وكالعادة قوبل طلبي بالتجاهل حينا وبالرفض احايين اخرى, لأني لا أملك واسطة ... اقصد التجربة ( قالها ساخرا ) ! على أي, في طريق العودة وجدتُ إعلانا على واجهة إحدى البنايات عن امتحان للتوظيف. أشرق وجهي بابتسامة تفاؤل, وحدثتني نفسي بأن الحظ ربما يبتسم لي أخيرا ! أدرجتُ إسمي في لائحة المترشحين, بالرغم من أني لا أعلم طبيعة الوظيفة بعد ! دخلت إلى غرفة الانتظار, وجدتُ بها مئات الشباب من عيّنتي.. هالني العدد لكن ثقتي بنفسي لم تهتز وقلت : استطيع بقليل من الذكاء أن انتزع الوظيفة منهم أيّاَ كان الاختبار!
بعد لحظات قليلة, أُدخل كل واحد منا إلى غرفة أشبه بمطبخ بها طاولة وُضع عليها مظروف به تعليمات الاختبار. كانت التعليمات كالتالي : تخيل(ي) أن أمك صنعت قالبا من الحلوى لمناسبة معينة ولم تقتطع منه سوى جزء صغير ثم خبأت الباقي في مكان ما. المطلوب: اقتطع(ي) أكبر جزء ممكن من القالب دون أن تلحظ امك ذلك !
استغربتُ الأمر لكنّه أعجبني نوعا ما, فليس بالغريب عني سرقةُ قطع حلوى العيد التي كانت تخبّئها أمي عندما كنت طفلا صغيرا ! استحضرتُ مهاراتي في البحث عن قالب الحلوى الذي كان مخبأً بإحكام في البراد. كانت الخطوة الاهم هي تذكر مكان القالب جيدا وشكل التقطيع وموضع السكين , لأعيد كل شيء - بعد أن انتهي - إلى سيرته الأولى. اقتطعتُ جزءاً صغيراُ ثم أعدتُ كل شيء لمكانه بإتقان شديد, ثم جلست لأتذوقه. كان لذيذاً بشكل لا يُصدق, داعب أوتار الجوع في معدتي الخاوية. لذا لم استطع الاكتفاء بذلك الجزء الصغير, فاقتطعتُ من القالب مرة ثانية وثالثة ورابعة... حتى وجدتُ أن جزءا كبيراً من القالب قد اختفى. لم استطع - من لذّته - منع نفسي من التهام كل ذاك القدر !
لم أعلم حينها ما العمل, هعلتُ في بادئ الأمر لكني قلتُ لنفسي : بما أني لا أستطيع إخفاء معالم " جريمتي ", لم لا ألتهمُ من القالب ما يسد جوعي؟ فأمي في كلتا الحالتين كانت لتغضب وتوبخني ثم تذهب لتعدّ قالبا آخر! وهكذا أخذت في ازدراد قالب الحلوى حتى انتفخ بطني ثم خرجتُ من المطبخ عائدا إلى غرفة الانتظار.
وطبعا بعد فعلتي هذه, لم يكن هناك من داعٍ لانتظار الاعلان عن النتائج, لذا هممتُ بالمغادرة. فإذا بأحدهم يستوقفني قائلا : تهاني الحارّة, لقد نجحتَ في الاختبار وتم تعيينك وزيراً !! 

1 التعليقات:

غير معرف يقول...

أحببت هذه القصة

إرسال تعليق