الخميس، 9 يناير 2014

لن أنساك ما حييت !

   في كل مرة كنت ترحل فيها عني ثم تعود، كنتُ أعاتبك العتاب نفسه وأسألك السؤال نفسه: لماذا هجرتني؟ ولماذا عدتَ؟ وفي كل مرة كنتُ أسمع منك الاعذار والاسباب نفسها فأصدقها، وكنت أسامحك بقلب رضيٍّ أعماه الحب بالقدر الذي أضناه !
   لكن هذه المرة، لن أعاتبك على هجرك لأني أنا من هجرتك بعد أن ضِقتُ درعاً بشوقي إليك في حضورك الباهت وسئمتُ من الصبر والعتاب.. ولن أسألك عن سبب عودتك، لأني أعلم كما أنت تعلم، أن الشوق - هاته المرة - ليس هو ما أعادك إليّ، بالرغم من أنك كنتَ مشتاقاً، بل هي كرامتك ! فقبل أن تكون حبيبي وتوأم روحي وكل شيئ، أنت رجل شرقي لا يقبل على نفسه أن تهجره امرأة ! أعلمُ جيّداً انك عدتَ إليّ فقط لتهجرني، لتكون أنت الوحيد الذي يرحل وينتصر في الاخير !
لا تسألني كيف لكني أعلم، كما كنت أعلمُ قبلاً في كل رحيل لك أنك حتما رحلتَ لتعود، فكنتُ انتظرك.. 
  اذكر انك قلتَ لي يوماً " النساء يتجمّلن بالصمت و يتجمّل الرجال بالغياب "، لذلك كنتَ تغيب ولذلك كنتُ أعاني من غيابك في صمت.. وكنتَ في كل مرة تعود تبدو لي حقّاَ أجمل !
   لكنك هذه المرة، تبدو لي جميلاَ أكثر مما يجب.. جميلا لدرجة لا تستطيع بعدها أن تكون أجمل.. لدرجة تليق بالوداع الأخير ! ويبدو لي ان كل ما فيك يفضحك؛ شفتاك اللتان ترتسم عليهما قبلتنا الاخيرة، ويداك اللتان تستعدان لمحو أسمي من على جبينك للأبد، وصوتك الذي ينطق إسمي بنغمة حزينة.. وعيناك اللتان تسبحان في دمعتين يتيمتين تبخل بأن تذرفهما لأجلي.. فالرجل الشرقي لا يبكي ابداَ لأجل امرأة، حتى لو كانت ذرفت لأجله بدل الدمع دماَ ! كل شيء فيك يخبرني أنك -هاته المرة- عدتَ لترحل !
أعلمُ ذلك ولا أمانع، فرحيلك ما عاد يهمني في شيء.. لأني أدركتُ أخيراَ أن الرجل الذي أحبتتُه حقّاَ، والذي كُنتَه يوماً وما عُدتَ تشبهه، قد رحل منذ زمن طويل !
لذا، إن رأيتني في يوم رحيلك حزينة أبكي، فاعلم أني لا أبكي لأجلك بل لأجله .. و أكاد اموت حزناَ، لا لأجلك  بل لأجله.. ! لأجله هو فقط سأبكي كثيرا، لأنه برحيلك قد مات اخر امل لي في أن استعيد الرجل الذي احببته، سأبكي بحرقة امرأة  مات عنها حبيبها وصديقها وابنها ووالدها.. لأنه كان لي كل هؤلاء وأكثر.. وسيكون حزني بحجم وفداحة الخسارة !
وبعد أن ترحل، سأبكي قهراً لأنك وإن نسيتني لا أستطيع أن انساه ! فقد كانت أكبر حماقاتي أن أُحب رجُلاَ يحملَ اسمَه الكثير من الرجال.. ويتشارك عطره مع الكثير من الرجال.. ويتصرف كأغلب الرجال..  ولا يشبهه أحد من الرجال ! كل من سأقابله بعده سيجعلني أنسى كم حاولت نسيانه وسيذكرني كم أنه فريد من بين الرجال !

عندما ستقرأ كلماتي هاته في يوم ما، ستشعر كم أنك  صرت غريباً عني وعن الشخص الذي احببتُ.. وربما ستشعر بالضيق لأنك ستدرك عندها أن انتصارك الاخير كان في الحقيقة اكبر خساراتك.. او ربما لن تشعر بذلك لأن التي بعدي على الارجح ستهبك  -هي الاخرى- على طبق من دمع وخيبة  انتصارا آخر تضيفه إلى قائمة بطولاتك النسائية الزائفة !
لكن عندي رجاء أخير: إذا في يوم عدتَ كما أحببتك قبلاً، فاعلم أني، وإن مضيتُ قدما في هذه الحياة، سأبقى أحبك دائماَ وسيبقى حبك أسعد محطات عمري و اعلم أني .. لن انساك ما حييت !

0 التعليقات:

إرسال تعليق