الأربعاء، 26 مارس 2014

الثورة امرأة

بعيدا عن الشعارات التافهة الجامعة بين المرأة والثورة والتي تصاغ على المنوال دون مضمون ك"صوت المرأة ثورة".. يمكن القول ان الثورة تشبه كثيرا المرأة في طريقة معاملتنا لها.
فبالرجوع بالزمن الى الوراء، نجد ان الثورات -كما هو شأن الإناث- كانت توؤد فور ولادتها لأنها اقل شأنا من ان تستحق الحياة. وبعد فترة طويلة من الزمن، وبعد ان بدأت الأصوات تتعالى بالسؤال :" بأي ذنب قُتِلَتْ؟"، صار يُمنُّ على الثورة بإعطائها حقها في الحياة لكن بشروط؛ لا تخرج اي ثورة من بيت ابيها [الشعب] الا مرتين: الاولى نحو بيت زوجها [المخزن] الذي يحتويها. والثانية الى القبر، ولا اظن انه كان هناك فرق كبير بين المرتين! 
والآن في زمن الحريات، صار للثورة -كما المرأة- كامل الحرية في الخروج الى النور، ليس بالضرورة تكريساً لمبدأ الحرية وإنما لأن خروجها سيزيد من فرصها للحصول على عريس. فالثورات هي الاخرى صارت تعاني من العنوسة في زمن قل فيه الرجال وضاق الحال بالشعوب لدرجة ما عادت قادرة عندها ان تتحمل بمفردها مسؤولية ثوراتها مدى الحياة..
تخرج الثورة الى الشوارع وفي مسامعها تنشد اديت بياف بسذاجة "je vois la vie en rose". لكن احلامها الوردية تسقط تباعا حالما تصطدم بقسوة الشارع والحياة، بالجهل والفقر واليأس والفساد. وكلما أُجهض حلم من أحلامها يموت جزء من الثورة فتكفنه في قماش لافتات ازالت عنها شعاراتها البالية وكتبت عليها بالدماء  كلمة "شهيد" ! وعوض ان تعود الثورة الى ابيها بعريس ابن حلال، تعود وفي يدها لقيط ابن حرام من صلب كل الذين استغلوها وغرروا بها واعتلوها للوصول الى مآربهم مدعين انهم [ثوريون]، لقيط مشوه ملامحه خليط من ملامحهم، لذلك اسمته "فوضى" !
تعود الثورة الساذجة الى الشعب بفوضى، فلا يملك الأخير الا ان يعود الى ما كان عليه دائماً، أباً شرقيا تقليديا ينظف بالعنف شرفه من الفضيحة ويترحم على الأيام التي كانت توؤد فيها الثورات ! 

0 التعليقات:

إرسال تعليق